أخبار العالمعاجل

صندوق الأمم المتحدة للسكان وجامعة الدول العربية يتعاونان في الإطلاق الإقليمي لتقرير “حالة سكان العالم 2023”

كتب: أيمن وصفى

 
  شكل الإطلاق الإقليمي المشترك الذي نظمه صندوق الأمم المتحدة للسكان وجامعة الدول العربية لتقرير حالة سكان العالم 2023، مناسبة فريدة للتذكير بقضايا سكانية وجوهرية مفصلية ليس أقلها المخاوف والسرديات المُبالَغ بها بشأن طفرة أو تقلّص عدد السكان؛ ولا شك أن النقاش في هذه القضايا لم يتوقف أبدًا بل واكتسب زخمًا غير مسبوق منذ استضافت القاهرة المؤتمر الدولي الأول حول السكان والتنمية عام 1994.

وقد اختار صندوق الأمم المتحدة للسكان: “ثمانية مليارات نسمة وإمكانات لا متناهية: قضية الحقوق والخيارات” عنوانًا لتقرير هذا العام، وذلك في ضوء تصاعد حدة وانتشار المخاوف السكانية وملاحظة أنَّ الحكومات باتت تلجأ أكثر فأكثر إلى اعتماد سياسات تهدف إلى زيادة معدلات الخصوبة أو خفضها أو الحفاظ عليها؛ غير أنَّ الجهود المبذولة للتأثير في معدلات الخصوبة غالبًا ما تكون غير فعَّالة وقد تؤدّي إلى الإنقاص من حقوق المرأة؛ وعليه فبات لزامًا علينا أنه بدلًا من التساؤل عن مدى سرعة تكاثر السكان، على القادة التساؤل عمّا إذا كان الأفراد، ولا سيّما النساء، قادرين على اتخاذ خياراتهم الإنجابية بحرية ؟!

 وفي المنطقة العربية يبلغ عدد السكان حوالي 468 مليون نسمة، ويشكل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 24 عامًا 28٪ من إجمالي السكان؛ ويؤدي عدم الاستقرار في الدول العربية أيضًا إلى حدوث موجات هائلة من الهجرة واللجوء؛ ففي عام 2020، استضافت الدول العربية حوالي 41.4 مليون مهاجر ولاجئ، يمثلون ما يقرب من 15٪ من المهاجرين واللاجئين عالميًا، واستمرت الهجرة والنزوح القسري من الدول العربية في الإزدياد، حيث بلغ عددهم 32.8 مليون شخص في عام 2020، بقي 44٪ منهم داخل المنطقة؛ ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بسبب الصراع الناشئ في السودان.

وعلى الرغم من انخفاض معدل الخصوبة الإجمالي في الدول العربية من 6.2 في عام 1990 إلى 3.1 طفل لكل امرأة في عام 2023، إلا أن  حجم السكان سوف يستمر في الإزدياد من 468 مليون في عام 2023 (بما يمثل 5.6٪ من سكان العالم 8 مليارات) إلى 521 بحلول عام 2030 وحوالي 676 بحلول عام 2050، وفي مقابل هذا الإرتفاع  لم يؤدى  الانخفاض في مستويات الخصوبة إلى الإزدهار الاجتماعي والاقتصادي المنشود أو تحقيق المساواة الحقيقة بين الجنسين والتكافؤ في التعليم الثانوي والإعدادي والمساواة في الحصول على فرص العمل حيث لم تتعد نسبة مشاركة الإناث 20٪ في سوق العمل حسب بيانات منظمة العمل الدولية”.

وقالت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية “ليلى بكر” في فعالية الإطلاق إن رسالة تقرير حالة سكان العالم 2023 واضحة: من حق النساء والفتيات اتّخاذ قرارات مستنيرة بشأن أجسادهنّ عندما يتعلق الأمر باستخدام وسائل تنظيم الأسرة وطلب الرعاية الصحية؛ ويجب أن تصمم السياسات السكانية كأداة لتمكين الأفراد، ويجب أن تكون النساء قادرات على الاختيار في موضوع الإنجاب كمًا وكيفًا وتوقيتًا، بعيدًا عن الإكراه المُمارَس مِن قِبل المنتقدين والمسئولين.  

 وأضافت: “يجب أن تكون الأجندة الاجتماعية والاقتصادية والسياسات القائمة عليهما في صميمها تتضمن المساواة بين الجنسَين، والاهتمام بالفتاة اليافعة في مجتمعاتنا وتمكينها بالحصول على المعلومات التي تمكنها من صحتها الانجابية في المستقبل وتوفير سياسات تشجّع المساواة بين الجنسَين في مكان العمل والوصول الشامل إلى خدمات الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية لبناء مجتمعات صامدة وقادرة على الازدهار أيًّا كانت التغيُّرات السكانية؛ ما نطلبه سياسات قائمة على الأدلة والعدالة وحقوق الإنسان للجميع”.

من ناحيتها صرحت السفيرة “د.هيفاء أبوغزالة” الأمين العام المساعد – رئيس قطاع الشئون الاجتماعية في جامعة الدول العربية، بأنه يجب النظر إلى السكان والتعامل معهم من منظور حقوقي؛ فما زالت النظرة والحديث عن السكان متباينة ما بين (قنبلة ديموغرافية أو خلل ديموغرافي)، مشيرة إلى أنه ما بين الفريقين تضيع الحقوق ويزداد القلق السكاني خاصة مع انتشار الحروب والصراعات المسلحة والاقتصادات الهشة والتغيرات المناخية وحالات نقص الأغذية والطاقة، بالإضافة إلى الأوبئة مثل جائحة كورونا وفيروس نقص المناعة، فضلًا عن المعلومات المغلوطة المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ وشددت أبو غزالة على أنه لا بد من التخطيط على أساس التغييرات السكانية الحاصلة سعيًا للصمود الديموغرافي (النظم الاقتصادية والاجتماعية) التي تواكب رغبات السكان واحتياجاتهم أنفسهم من أجل إزدهارهم في أوقات الرخاء والخطر؛ وذلك عن طريق توسيع نطاق الفهم عن السكان من خلال الاستثمار في البيانات وتحليلها انطلاقًا من التركيبات العمرية للسكان ومعدلات الخصوبة والهجرة ومعدلات الوفيات وسن الإنجاب لتكون هذه البيانات عنصرًا فاعلًا في تغيير المعايير الإجتماعية المبنية على النوع الاجتماعي.

 ويعتبر تقرير حالة سكان العالم هو المنشور الرئيسي السنوي الذي يصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان؛ ويُنشَر التقرير سنويًا منذ عام 1978، ويلقي الضوء على القضايا الناشئة في مجال الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، يعيدها إلى الواجهة ويستكشف التحديات التي تفرضها والفرص التي تتيحها أمام التنمية الدولية، ويشتمل تقرير هذا العام على مساهمات من شريكَين من الأمم المتحدة: المنظمة الدولية للهجرة وشعبة السكان في إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية.

باعتباره الوكالة المسئولة عن الصحة الجنسية والإنجابية في الأمم المتحدة، ويساعد صندوق الأمم المتحدة للسكان الأشخاص في الحصول على وسائل تنظيم الأسرة والخدمات والمعلومات المنقذة للحياة فيما يتعلق بالصحة الإنجابية، ويمكّن النساء والفتيات من اتّخاذ قرارات مستنيرة بشأن أجسادهنّ وحياتهنّ. 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى