أراء و كُتابسياسةعاجل

القضية الفلسطينية بين “شعوب تتأمل وشعب يعاني”

بقلم: محمد صابر

 محمد صابر
محمد صابر

 كتبت مقالًا عن القضية الفلسطينية منذ عام ٢٠٠٨ تحت عنوان “قضية ما زالت على صفيح ساخن”، وهي ما زالت وستظل علي صفيح ساخن، ودلالة ذلك ما ذكره وعد الحق (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتُفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوًا كبيرًا) ولكن نصر الله قريب.

إن الإبادة الجماعية التي يمارسها العدو الصهيوني على شعب غزة، في ظل حصار خانق شمل قطع المياه والكهرباء والغذاء، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء من المدنيين، ولا تزال إسرائيل ترفض أي مبادرة أممية أو دولية لوقف إطلاق النار، كما أنها تتعنت في وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، كل ذلك يأتي في سياق محاولة إركاع شعب غزة واستغلال ضعف الأمة العربية أمام هذا العدوان الغاشم.

لقد مات ضمير العالم العربي والإنساني المناهض للحرب، ومواقفهم السلبية التي لا قيمة لها أمام الأمريكان والإسرائيليين والغرب، وأصبحت مواقفهم مجرد تحصيل حاصل، لا احد يستطيع فعل أي شيء، هم والموتى سواء بل الموتى في معركة الشرف والكرامة والدفاع عن الأرض والعرض خير منهم.

الأمر الذي دعي العالم اجمع وعلي رأسهم العرب يتأملون ويشاهدون من بعيد، ومنهم من تحدث علي استحياء للدفاع عن القضية، ومنهم من خذلهم، ومنهم من أعلنها صراحة “مصالحه لا علاقة لها بدول الجوار”، ومنهم و منهم .. وما زال الشعب الفلسطيني يعاني ويتألم وينتظر “المدد والعون” ليس من العباد أو من أشقائهم العرب الذين اكتفوا بالشجب فحسب .. بل من “الله ناصر الحق والمستضعفين ولو بعد حين”.

وجاء موقف مصر الذي لا تُحسد عليه بأنها لن تسمح بتصفية القضية على حساب أطراف أخرى، وأنه لا تهاون أو تفريط في أمن مصر القومي تحت أي ظرف، وأمل مصر في التوصل لحل وتسوية للقضية الفلسطينية “عن طريق المفاوضات التي تفضي إلى السلام العادل وإقامة الدولة الفلسطينية”، والتواصل مع جميع القوى الدولية وجميع الأطراف الإقليمية المؤثرة من أجل التوصل لوقف فوري للعنف، وتحقيق تهدئة تحقن دماء المدنيين من الجانبين، والسعي لدخول المساعدات الإنسانية التي كنا نتوسل من العالم للسماح لنا لمساعدة إخواننا الفلسطينيين؛ أى ضعف هذا ؟!!

وأعلن بيان الخارجية الذي يُحذر من الخطر الإنساني والأمني للهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزه وتحميل الحكومة الإسرائيلية خرق قرار الأمم المتحدة بالوقف الفوري لإطلاق النار وعقد هدنة إنسانية من شأنها الحفاظ على الأرواح ودخول المساعدات.

ويقف المجتمع الدولي عاجزًا عن إنقاذ الشرعية الدولية في حق القضية الفلسطينية ولا ألوم المجتمع الدولي بقدر لومي علي العالم العربي الذي أصبح لا قيمة له على الإطلاق في ظل الزخم الدولي ” قوة بشرية” لا قيمة لها على الإطلاق تسعي إلي الدنيا كأنها مخلدة فيها، كما ذكر رسولنا الكريم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»؛ فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ ؟!، قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن ؟!، قال: “حب الدنيا، وكراهية الموت”.

وكانت النتيجة المتوقعة من كراهية الموت، ضياع القضية الفلسطينية بين مصالح دول عربية لا يهمها إلا مصالحها مع أمريكا وإسرائيل والدول الأوروبية، وبين خوف من دخول حروب لا يعلم مداها إلا الله، مفارقة جمة جعلتهم يتخلون عن دول الجوار التي تعاني وستعاني أكثر بسبب تخاذلهم وتجاهلهم للقضية، ونسوا أن “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”، كما ذكر رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم.

ونوضح قضية فلسطين باختصار بأنها الصراع التاريخي والسياسي والمشكلة الإنسانية التي لا تنتهي، كما تعتبر قضية فلسطين جزءًا جوهريًا من النزاع العربي الإسرائيلي الذي نتج بنشوء الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين، وما نتج عنها من حروب وأزمات في منطقة الشرق الأوسط، ودور الدول العظمى في أحداث المنطقة، وتتمحور قضية فلسطين حول شرعية دولة إسرائيل التي ترنو لها واحتلالها للأراض الفلسطينية خلال عدة مراحل، فقد ضاع ضمير المجتمع الدولي عامًا بعد عام وهو يشاهد الحقوق الفلسطينية الموثقة بموجب قرارات الشرعية الدولية كما تعكسها قرارات الأمم المتحدة، تذهب أدراج الرياح، مع غياب أفق حقيقي للعملية السلمية، لإستعادة حقوق شعب يبتلعها الإستيطان الإسرائيلي عامًا بعد الآخر.

ويأتي دور المقاومة الفلسطينية للشعب الصامد منذ إندلاع الأزمة، لقد كان ل”طوفان الأقصى” تغيير مفصلى ومحورى في اتجاهات الصراع العربي – الإسرائيلي، ويبدو أن محور المقاومة اليوم متحد أكثر من أي وقت مضى، ويبدو أن كل خطوة تخطوها فصائل المقاومة تأتي ضمن سياق مدروس ومخطط، في سياق إطار وحدة المصير، ومن هنا نتأكد إذا لم يكن من هو ناصر للقضية فهناك من يجاهد و يصابر ويقاوم في فلسطين حتى يأتي أمر الله.
وروى الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، على من يغزوهم قاهرين، لا يضرهم من ناوءهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك؛ قيل: يا رسول الله !، وأين هم ؟!، قال: ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس).
وأخيرًا لقد شكلت الوحدة الفلسطينية حالة من الرعب لدى العدو، فاستنجد بحلفائه حتي يقضي عليهم، ويحقق حلمه المزعوم للتوسع الاستيطاني من النيل للفرات، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى