فضيلة المفتي يوجِّه رسائل هامَّة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الإفتاء:
– نُعْلِنُ تَأيِيدَنَا لِمَوْقِفِ الدَّوْلَةِ والرَّئِيسِ السِّيسِي برفض تَهْجِيرِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ مِنْ أَرَاضِيهِ
– نُهِيبُ بِالمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ أَنْ يَتَضَامَنَ لإِيصالِ المُسَاعَدَاتِ الإِنْسَانِيَّةِ إِلى الأَمَاكِنِ المَنْكُوبَةِ مِنْ العُدوانِ الغَاشِمِ على غزة
– ما يحدثُ بوضوحٍ هو تَطهِيرٌ عِرْقِيٌّ مُمَنْهَجٌ وَإِمَاتَةٌ تَامَّةٌ لِلقضيةِ الفلسطينية
– العُدوان على الشَّعْبِ الفِلَسْطِينيِّ الحُرِّ يَتَعَارَضُ مع الأديانِ وَالضَّمِيرِ الإنسانِيِّ وَالقانونِ الدَّوْلِيِّ
– نثمِّن حرصَ الرئيس السيسي الدائم على ضرورة تجديد الخطاب الديني، وتثبيت قيم الأمن والسِّلْم العالميين
– نقول للشعب الفلسطيني: قضية الأقصى وفلسطين كانت ولا زالت قضية العرب والمسلمين الأولى والأهم
– قضية الأقصى وفلسطين لا تزاحمها أية قضية أخرى، ولا يؤثر عليها تتالي الأحداث ولا تموت بالتقادم
– قضية الأقصى وفلسطين ليست قضية العرب والمسلمين وحدهم بل قضية كل إنسان شريف يعرف معنى الإنسانية ويقدِّر معنى الحرية
– استضافة مصر للمؤتمر في هذا الظرف الدقيق ورعاية الدولة لكافة الفاعليات دليل واضح على اضطلاعها بكافة مسؤولياتها
– الدار ما زالت على العهد في استكمال مسيرة خدمة الوطن والدين والإنسانية، تحت القيادة الحكيمة للرئيس السيسي
– العالم يشهد الآن تحولات جذرية أشبه بالطفرات النوعية في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
– تحدي الإرهاب وخطره لا زال بحاجة إلى مزيد من التعاون والتكاتف من المؤسسات الإفتائية
طلب فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -فضيلة مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- من الضيوف العلماء الأجلاء الكرام المشاركين في المؤتمر الوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء مستشفى المعمداني بغزة، سائلًا الله تعالى أن يتقبلهم في الشهداء والصالحين، وأن يحفظ فلسطين وأهلها من كل سوء.
وقال فضيلته: مِنْ هَذِهِ المِنَصَّةِ نُعْلِنُ تَأيِيدَنَا لِمَوْقِفِ الدَّوْلَةِ المِصْرِيَّةِ وَقَائِدِهَا فَخَامَةِ الرَّئِيسِ عَبْدِ الفَتَّاحِ السِّيسِي الَّذِي أَعْلَنَ بِحَسْمٍ رَفْضَ مِصْرَ لِتَهْجِيرِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ مِنْ أَرَاضِيهِ، وَنُهِيبُ بِالمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ أَنْ يَتَضَامَنَ مَعَنَا عَلَى ضَرُورَةِ إِيصالِ المُسَاعَدَاتِ الإِنْسَانِيَّةِ إِلى الأَمَاكِنِ المَنْكُوبَةِ وَالمُتَضَرِّرَةِ مِنْ جَرَّاءِ العُدوانِ الغَاشِمِ، وَمِمَّا لا شَكَّ فيهِ أَنَّكُم جَمِيعًا كَعُلَمَاءَ أَفَاضِلَ تُشَارِكُونَنِي الرَّأْيَ في أنَّ مَا يَحدُثُ مِنْ عُدوانٍ على الشَّعْبِ الفِلَسْطِينيِّ الحُرِّ أَمرٌ يَتَعَارَضُ مَعَ جَميعِ الأديانِ وَالضَّمِيرِ الإنسانِيِّ وَالقانونِ الدَّوْلِيِّ وكُلِّ الأعرافِ والتقاليدِ الإنسانيةِ؛ لأنَّ ما يحدثُ بوضوحٍ هو تَطهِيرٌ عِرْقِيٌّ مُمَنْهَجٌ وَقَضَاءٌ نِهَائِيٌّ مُبْرَمٌ على الحقِّ الفِلسطينيِّ وَإِمَاتَةٌ تَامَّةٌ لِلقضيةِ الأُمِّ وَهِيَ قضيةُ الأقصَى المُبَارَكِ.
جاء ذلك خلال كلمة فضيلته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر “الفتوى وتحديات الألفية الثالثة” مضيفًا أن استضافة مصر لهذا المؤتمر في هذا الظرف الدقيق ورعاية الدولة المصرية العريقة لكافة الفاعليات التي تدعم التنسيق والتشاور بين علماء الأمة ومفتيها لدليل واضح على اضطلاعها بكافة مسؤولياتها ومهامها التي أَمْلَتها عليها تلك المكانة التاريخية تجاه الأمة الإسلامية والعالم أجمع.
وأكد فضيلة المفتي أن الاجتماع في هذا المؤتمر المبارك جاء لاستكمال المسيرة المباركة للعمل والجهاد الفكري، ومواصلة ما تم التعاون فيه سلفًا في فاعليات الأعوام الماضية من عمل دؤوب في سبيل الله تعالى وفي سبيل نهضة أمتنا وأوطاننا ومن أجل العمل على مواجهة التحديات التي تدهمنا.
وتابع فضيلته قائلًا: ونحن الآن في بدايات هذه الألفية الثالثة بما تحمله من تحولات جذرية وتحديات خطيرة تنعكس على كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنعكس أيضًا انعكاسًا خاصًّا وخطيرًا على مجال الخطاب الديني خاصة والأخلاق بصفة عامة، لذلك كانت الرؤية المختارة لهذا المؤتمر تدور حول مناقشة التحديات التي تواجه الفتوى ومؤسساتها في هذه الألفية الثالثة؛ حيث لا زالت تمر بالعالم أزمات عدة بسبب الصراعات السياسية والحروب التي هزت اقتصاديات العديد من الدول؛ لا سيما دول العالم الثالث أو ما يعرف بالدول النامية، وفي نفس السياق فإن شبح الإرهاب لا زال ماثلًا -وإن كان كامنًا- متربصًا مهددًا للأمن والسلم والاستقرار على رغم الجهود الكبيرة المبذولة من قِبَل الدول والحكومات فكريًّا وأمنيًّا.
وشدد فضيلته على أن تحدي وخطر الإرهاب لا زال بحاجة إلى مزيد من التعاون والتكاتف من المؤسسات الإفتائية من أجل محاصرة هذه الأفكار التي تبثها الجماعات الظلامية عبر العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك فإن العالم يشهد الآن تحولات جذرية هي أشبه بالطفرات النوعية في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الذي أثار تطوره الكبير العديد من الإشكالات نظرًا لتأثيره البالغ في كافة مجالات الحياة تقريبًا، وتأثيره البالغ على حقوق الملكية الفكرية والإبداع الفكري، وكذلك انعكاساته على الدين والأخلاق بصفة عامة، مشيرًا إلى أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كان لها فضل السبق في مؤتمرها السالف لمناقشة تحديات الفتوى والتحول الرقمي.
وأكد فضيلة مفتي الجمهورية أن كل هذه العوامل والتغيرات والتحديات لتلقي علينا جميعًا مسؤوليات جسامًا، وتُعلِّق في أعناقنا مزيدًا من الأمانات والمهام تجاه أمتنا الإسلامية بل والإنسانية بشكل عام، لأن هناك على المستوى الإنساني قدْرًا مشتركًا من القيم والأخلاق كالتعايش والتسامح والحفاظ على البيئة والأمن وحفظ النفوس والأموال والأعراض إلى آخر تلك القيم التي ينبغي علينا جميعًا أن نتعاون من أجل ترسيخها والحفاظ عليها باعتبارها الضمانة الوحيدة للاستقرار والأمن للأفراد والمجتمعات، وأيضًا من أجل الحيلولة دون انتشار الخراب والفوضى باعتبارهما نتيجة شبه حتمية لحالة السيولة الأخلاقية التي يجنح إليها العالم في وقتنا الحالي، مشيرًا إلى أن العالم على سبيل المثال يشهد موجة من الإلحاد تعمل على ترسيخ العدمية والعبثية وفقدان المعنى وعدم وجود غاية سامية لحياة الإنسان وهي معانٍ تنذر بتهديد منظومة القيم والأخلاق وكافة المعاني النبيلة التي سعت الإنسانية إلى ترسيخها كضمانة للأمن والاستقرار، لافتًا النظر لتلك الضغوط المبذولة من أجل تشتيت بل تدمير الهوية الجنسية للأجيال القادمة، والعبث بالمفاهيم الفطرية الخاصة بالذكورة والأنوثة وهي من التحديات الكبرى التي نحتاج إلى التعاون من أجل إيجاد صيغة جادة وفاعلة لتصحيح المفاهيم الخاصة بهذه القضية الخطيرة.
وتوجه فضيلة مفتي الجمهورية برسائل هامة اقتضتها الظروف والأحداث الخطيرة التي تمر بها أمتنا الإسلامية ومنطقتنا العربية وبخاصة ما يجري في فلسطين الحبيبة من أحداث جسام :
الرسالة الأولى: إلى سيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حفظه الله: وثمن فيها حرص سيادته الدائم على ضرورة تجديد الخطاب الديني الضامن لتحقيق التعايش، وتثبيت قيم الأمن والسِّلْم العالميين؛ وقد استجابت دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم لدعوته الكريمة، وحوَّلتها إلى برامج عمل وبحث أفاد منها الجميع، مؤكدًا أن الدار ما زالت على العهد في استكمال مسيرة خدمة الوطن والدين والإنسانية، تحت قيادته الحكيمة، ومتقدمًا بخالص الشكر والتقدير لفخامته على رعايته ودعمه الكريم لمؤتمرات الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، هذه المؤتمرات الذي دفعت قاطرة الفتوى إلى الأمام وجمعت تحت مظلتها خيرة علماء العالم الإسلامي، ومتوجهًا إلى الله تعالى أن يُمِدَّ سيادته بمدد من عنده وأن يحفظه لمصر وللأمة العربية والإسلامية بما يحفظ به عباده الصالحين وأولياءه المقربين، سائلًا الله سبحانه أن يحرسه بحصون وقايته ويحميه بدروع حمايته وأن يلهمه من فيض أنواره وواسع إحسانه الرشادَ في الفكر والسدادَ في القول والتوفيق في العمل والنجاح والفلاح في الغاية والمقصد.
أما الرسالة الثانية، فتوجَّه بها فضيلة المفتي إلى نفسه أولًا وإلى السادة المفتين والوزراء والباحثين المشاركين في المؤتمر أن يضطلع الجميع بتلك الأمانة العظيمة التي اصطفانا الله لها، ناشرين للمنهج الوسطيِّ المعتدل، مبددين ظلمات الجهل والإرهاب.
وشدَّد فضيلته على أنه في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة الإسلامية والأمة العربية التي تتمثَّل في أزمات اقتصادية عالمية تؤثر على مصير الدول والشعوب وتستغل من قبل دعاة نشر الفوضى، علينا أن ندرك أهمية الدور الخطير لعلماء الأمة في حماية الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية لبلادهم ودورهم الهام في دحر مخططات نشر الفتنة والفوضى، وعلينا أن ندرك بوضوح عظم وأهمية دورنا الحيوي في نشر الوعي والفهم لدى الشعوب بربط ما يجري على الساحة العالمية من أحداث سياسية واقتصادية وعسكرية بما يؤثر على الأوضاع في بلادهم بشكل عام ومن ثم فعلينا أن نتفهم التوازنات التي تراعيها الدول والقيادات للمحافظة على الأمن والاستقرار وأن ندعم القيادات الوطنية التي تعي معنى الوطن وتدرك معنى الدولة، وإننا لنقولها لله تعالى دون مواربة أو خجل ولا نخشى في الله تعالى لومة لائم إن الحفاظ على الدولة الوطنية واجب شرعي، وإن استقرار بلادنا وحماية الأمن القومي لأوطاننا يحتاج إلى قيادات وطنية عالمة خبيرة تعرف مقومات الدولة الحقيقية وتدير الأمور بالعلم الدقيق والخبرة العميقة لا بالخطب الحماسية ولا بالشعارات العاطفية.
أما الرسالة الثالثة فقد وجهها فضيلة المفتي إلى شعب فلسطين الصامد الحر الأبي في هذه الظروف الدامية العصيبة التي تدمي القلوب وتفتت الأكباد، قائلًا: نقول للشعب الفلسطيني الحبيب إن قضية الأقصى وفلسطين كانت -ولا زالت- قضية العرب والمسلمين الأولى والأهم، فلا تزاحمها أية قضية أخرى، ولا يؤثر عليها تتالي الأحداث ولا تموت بالتقادم، وهي ليست قضية العرب والمسلمين وحدهم، بل هي قضية كل إنسان شريف يعرف معنى الإنسانية ويقدر معنى الحرية بغض النظر عن عِرقه أو دينه أو انتمائه، وإننا نعاهد الله تعالى ونعاهدكم على أن نبقى بكل ما أتانا الله من قوة على الوعد والعهد بالنصرة والتأييد لكل شعب فلسطين، ندعم صمودكم من أجل استرداد كامل حقوقكم .
واختتم فضيلته كلمته بالترحيب مرة أخرى قائلًا: وفي نهاية كلمتي هذه أكرر ترحيبي بالضيوف الكرام وشكري لهم راجيًا لهم التوفيق والسداد في تحقيق هذه الغاية العظيمة التي اجتمعنا من أجلها، وإنني لأدعو الله تعالى أن تسفر أوراقكم البحثية ومناقشاتكم الجادة المنعقدة بورش العمل المختلفة عن رؤية جديدة تحمل نورًا ساطعًا وأملًا فسيحًا لحاضر الأمة ومستقبلها، فإن أمة الإسلام لا زالت بخير كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.