اجتماعىعاجل

الطريق إلى السعادة

بقلم / أميرة البيطار

 

السعادة هي شعور إنساني نسعى جميعًا لتحقيقه، وهي حالة من الرضا والفرح الداخلي الذي يعبر عن انسجام الإنسان مع نفسه ومع العالم من حوله. ورغم أن السعادة قد تبدو بسيطة في مفهومها، إلا أن الكثيرين يجدونها صعبة المنال ودائمة الهروب، قال تعالي (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) {الطلاق:2-3}.

أحد منّا يفكّر خلال طفولته بالمفهوم العميق للسعادة. فهي بالنسبة له حينها أمر تلقائي يأتي بالفطرة. لكن مع التقدّم في العمر واكتشاف الحياة والغوص في أحداثها، تصبح السعادة فجأة أمرًا شديد التعقيد، وتبدأ في أخذ حيّز أكبر من حياتنا، فنقضي السنوات باحثين عنها ساعين للوصول إليها. وقد يضيع الكثيرون خلال بحثهم هذا فينسون حقيقة أنّهم على قيد الحياة، يُعزى هذا الشعور بأن السعادة قليلة إلى عدة أسباب، أولًا هناك التوقعات العالية التي نضعها لأنفسنا وللحياة. نحن نعيش في عالم يغذي الطموحات ويروج لفكرة النجاح المادي والاجتماعي كأحد مفاتيح السعادة. هذا التركيز على ما ينقصنا بدلاً من تقدير ما نملك يجعلنا نشعر بأن السعادة بعيدة المنال.

ثانيًا، هناك تأثير الظروف المحيطة والتحديات التي نواجهها. الحياة مليئة بالصعوبات والمواقف التي قد تضعنا تحت ضغط كبير، سواء كانت تلك التحديات متعلقة بالعمل، العلاقات الشخصية، أو الصحة. في مثل هذه الأوقات، قد يبدو أن السعادة تتلاشى، ونشعر بأن الفرح والراحة هما شيئان نادران.

كما تلعب العوامل النفسية دورًا مهمًا في إدراكنا للسعادة. بعض الأشخاص يميلون إلى التركيز على الجوانب السلبية في حياتهم أو يعانون من قلق مستمر حيال المستقبل. هذا النوع من التفكير السلبي يمكن أن يجعل السعادة تبدو وكأنها لحظات عابرة وليس حالة دائمة.

ولكن، رغم أن السعادة قد تكون قليلة أو مؤقتة في بعض الأحيان، إلا أنها ليست بعيدة تماما، يمكننا تعزيز شعورنا بالسعادة من خلال تبني نظرة أكثر إيجابية للحياة، والاعتراف باللحظات الجيدة، وممارسة الامتنان بشكل يومي. كما أن التواصل مع الآخرين وبناء علاقات صحية يمكن أن يزيد من فرصنا في الشعور بالسعادة، هذا ما يجعل الكثير من الأشخاص يبحثون عن السعادة في المكان الخاطئ. إنهم يركضون خلفها ويبحثون عنها في الخارج متناسين أنّ منبعها الحقيقي هو من الداخل. من دواخلنا.

من منّا لا يجد سعادته في رفقة الآخرين؟ ويشعر بالوحدة والحزن في غيابهم؟ بل قد يصل الأمر إلى الضياع والتيه…

إن لم تكن قادرًا على الاستمتاع برفقة نفسك، فأنت لا تستمتع حقيقة برفقة الآخرين. ابدأ بمنح نفسك ما تسعى بشدّة للحصول عليه من الآخرين. إن كنت تريد الحب، ابدأ بحبّ نفسك وتقبّلها كما هي، في النهاية، السعادة ليست حالة دائمة، لكنها لحظات نستطيع أن نصنعها ونتمسك بها، رغم كل التحديات والضغوط التي نواجهها في الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى